خلال النصف الأول من القرن العشرين ظل الذكاء الاصطناعي مجرد فكرة خيالية حاضرة في الأدب والسينما حيث ظهرت الروبوتات والآلات الذكية كأبطال لأعمال الخيال العلمي لكن مع دخول النصف الثاني من القرن بدأت المحاولات الفعلية لتطوير هذا المجال علميا وتقنيا واليوم ما وصل إليه الذكاء الاصطناعي التوليدي يفوق كل التصورات التي رسمها العلماء قبل عقود.
إلى أين وصل الذكاء الاصطناعي حاليا
بفضل عصر البيانات الضخمة والقدرات الحاسوبية المتزايدة أصبح الذكاء الاصطناعي قادرا على تحليل كم هائل من البيانات.
ثم في أداء مهام كان يعتقد سابقا أنها حكر على البشر.
تجلت هذه القفزة النوعية في عام 2022 بإطلاق نموذج شات جي بي تي المدعوم بنماذج لغوية ضخمة.
والذي شكل نقلة نوعية في قدرات التفاعل الالي مع البشر.
كما نشهد آثار هذه الطفرة التقنية في حياتنا اليومية: من مساعدات صوتية مثل أليكسا إلى محركات توصية المحتوى مثل نتفليكس وصولا إلى المركبات ذاتية القيادة.
ورغم أن هذه التطبيقات لا تزال في مراحلها الأولى إلا أنها تمهد الطريق لعصر جديد من التفاعل البشري مع الذكاء الاصطناعي.
ما الذي ينتظرنا خلال السنوات الخمس القادمة؟
وفقا للدكتور مايكل بينيت من معهد الذكاء الاصطناعي التجريبي بجامعة نورث إيسترن.
فإن التأثيرات القادمة ستكون أعمق وأوسع مما نراه حاليا وتشمل الجوانب التالية:
1. تسارع وتيرة الحياة اليومية
أول ما سيلاحظه الأفراد هو تسارع التفاعل مع المؤسسات.
فمع دمج الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الحكومية والخاصة ستتخذ القرارات بشكل أسرع.
وسنشعر بتسارع الحياة اليومية بشكل غير مسبوق.
2. الكفاءة والربحية أولا
ستجبر الشركات على الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف.
وذلك في ظل المنافسة المحتدمة وسعي المستثمرين نحو تحقيق أعلى العوائد.
3. نهاية الخصوصية كما نعرفها
ثم في المقابل سيكون الثمن هو الخصوصية إذ من المتوقع أن تصبح الأنظمة أكثر قدرة على جمع البيانات وتحليلها بطريقة تتجاوز معرفتنا بأنفسنا.
ومع انتشار الخوارزميات القوية ستتلاشى الحدود التقليدية لحماية الخصوصية.
4. قوانين تنظيمية أكثر تعقيدا
من جهة أخرى بدأت الحكومات في صياغة أطر تنظيمية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة
ثم على سبيل المثال يتوقع أن تتشكل شبكة معقدة من القوانين المحلية والفيدرالية.
فيما يسير الاتحاد الأوروبي في الاتجاه نفسه هذا سيجعل ممارسة الأعمال أكثر تعقيدا من الناحية القانونية.
5. دور مزدوج في قضية المناخ
أما في ما يتعلق بتغير المناخ فينظر البعض إلى الذكاء الاصطناعي كأداة للحد من الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة.
عبر الصيانة التنبؤية وتحسين سلاسل الإمداد غير أن الكلفة البيئية العالية لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي قد ترفع الانبعاثات بنسبة تصل إلى 80%.
مما يثير تساؤلات حول استدامة هذه التكنولوجيا.
ما المخاطر التي قد يحملها الذكاء الاصطناعي مستقبلا
لطالما شكل الذكاء الاصطناعي مصدر قلق للبشرية سواء من ناحية فقدان السيطرة على أنظمته أو التبعات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك التداول الخوارزمي في الأسواق المالية حيث يعهد باتخاذ قرارات مالية ضخمة إلى الخوارزميات فائقة السرعة.
لا تعليق