عندما يُذكر اسم ويمبلي يقف الزمن احترامًا لتاريخه العريق ومكانته بين ملاعب العالم، هنا ترددت أصوات الجماهير وهنا صعد الأبطال منصات التتويج وهنا ولدت لحظات لا تُنسى في قلوب عشاق الساحرة المستديرة، في هذا المقال نأخذك في جولة ممتعة داخل ملعب ويمبلي، موطن الكرة الإنجليزية ومسرح النهائيات الكبرى حيث يُكتب المجد بحروف من ذهب.

“أسطورة الملاعب الإنجليزية ومسرح النهائيات الكبرى ويمبلي”

ملعب ويمبلي القديم.. مسرح النهائيات وذاكرة المجد الإنجليزي

في قلب لندن، وعلى أرض منطقة ويمبلي، نشأ صرح رياضي عملاق سجّل لحظات تاريخية لا تُنسى.
“ملعب ويمبلي القديم” لم يكن مجرد منشأة رياضية، بل كان معبدًا كرويًا اجتمع فيه الآلاف، واحتضن مباريات صنعت أمجادًا للأندية والمنتخبات على حدٍ سواء.
من افتتاحه عام 1923 وحتى لحظة هدمه في 2003، ظل هذا الملعب منارة للمجد وعنوانًا للتاريخ.

الافتتاح الأسطوري في 1923

افتتح الملعب يوم 28 أبريل 1923، خلال نهائي كأس إنجلترا بين بولتون واندرز ووست هام يونايتد.
توافدت الجماهير بأعداد ضخمة تجاوزت 127 ألف مشجع، مما أجبر الشرطة على إبعاد الآلاف بسبب امتلاء المدرجات.
حقق الحدث إيرادات بلغت 27,776 جنيهًا إسترلينيًا، وهو رقم كبير جدًا في تلك الفترة.

افتتاح ملكي وتاريخ إمبراطوري

جزّ الملك جورج الخامس أول عشب في الملعب، ليكون ذلك الافتتاح الرسمي للمكان.
شُيّد الملعب في الأصل لاستضافة معرض الإمبراطورية البريطانية، وسُمّي في البداية “استاد معرض الإمبراطورية”.
بناه السير روبرت ماك ألبين، بمساهمة المعماريين جون سيمبسون، ماكسويل آيرتون، والمهندس أوين ويليامز.

تكلفة ضخمة ومصير غير متوقع

بلغت تكلفة بناء الملعب 750 ألف جنيه إسترليني، ما يعادل نحو 46 مليون جنيه بأسعار اليوم.
شيّد فوق موقع “برج واتكينز” الشهير، وكان من المخطط هدمه بعد المعرض، إلا أن اقتراح السير جيمس ستيفنسون أنقذه من الإزالة.

من مشروع خاسر إلى رمز كروي خالد

بعد نهاية المعرض، اعتبر البعض أن ويمبلي عبء مالي لا طائل منه.
اشترى رجل الأعمال جيمس وايت الموقع كاملًا، وعيّن آرثر إلفين لإدارته وبيعه.
لكن إلفين رأى في الملعب مستقبلًا باهرًا، فقرر شراؤه مقابل 127 ألف جنيه، ليحصل لاحقًا على أكبر حصة فردية فيه.

انهيار وايت وصعود إلفين

تعرض جيمس وايت للإفلاس، وأقدم على الانتحار عام 1927.
اضطر إلفين إلى جمع أموال ضخمة لإنقاذ الملعب من الهدم، ونجح في إعادة بيعه لشركة جديدة.
وبفضل حنكته، أصبح الرئيس الفعلي للملعب، وقاد مسيرته ليتحول إلى أهم ملاعب إنجلترا.

مسرح أعظم البطولات

استضاف ويمبلي القديم عددًا هائلًا من الأحداث الكروية الكبرى، أبرزها نهائي كأس العالم 1966، الذي شهد تتويج إنجلترا.
كما احتضن نهائيات كأس إنجلترا، ومباريات أوروبية حاسمة.
جمهور الساحرة المستديرة لا يزال يذكر لحظات لا تنسى دوّت في أرجاء الملعب.

نهاية تاريخ وبداية جديدة

أغلق الملعب في عام 2000 تمهيدًا لهدمه، وتمت عملية الهدم في 2003.
بني ملعب ويمبلي الجديد في نفس الموقع، وافتتح رسميًا عام 2007 بمواصفات عالمية حديثة.
لكن رغم التطوير، لا تزال روح الملعب القديم تسكن ذاكرة الجماهير.

وهكذا، نصل إلى نهاية قصة واحد من أهم ملاعب كرة القدم في التاريخ.
من افتتاح ملكي إلى نهائيات عالمية، ومن صمود مالي إلى إعادة بناء حديث، حمل ويمبلي القديم رسائل عديدة في طياته.
ولأنه لم يكن مجرد ملعب، بل جزء من هوية أمة، فإن صدى هتافات الجماهير ما زال يتردد في الأذهان كلما ذُكر اسمه.
ومهما تطورت الملاعب، سيبقى “ويمبلي القديم” عنوانًا خالدًا للكرة الإنجليزية والعالمية.